أفريقيا
مالي
-
2024 التصنيف
114/ 180
٥٠٫٥٦ :مجموع
مؤشر سياسي
89
48.12
مؤشر اقتصادي
89
44.41
مؤشر تشريعي
97
59.27
مؤشر اجتماعي
81
63.53
مؤشر أمني
149
37.47
2023 التصنيف
113/ 180
٥٢٫٢٩ :مجموع
مؤشر سياسي
105
52.63
مؤشر اقتصادي
131
38.82
مؤشر تشريعي
117
55.09
مؤشر اجتماعي
125
55.00
مؤشر أمني
105
59.88

في ظل انعدام الأمن المرتبط بالتهديد الإرهابي، وما يصاحبه من عدم استقرار على المستوى السياسي، ازدادت صعوبة وصول الصحفيين إلى المعلومات أكثر من ذي قبل، علماً أن تحرير الصحفي الفرنسي أوليفييه دوبوا، في أبريل/نيسان 2021، بعد احتجازه لمدة 711 يومًا، يجسد المخاطر التي تطال الفاعلين الإعلاميين وتهدِّد سلامتهم في هذا البلد.

المشهد الإعلامي

أدى سقوط النظام الدكتاتوري لموسى تراوري عام 1991 إلى ثورة حقيقية في عدد وسائل الإعلام، حيث يوجد الآن في البلاد نحو 200 صحيفة وأكثر من 500 محطة إذاعية إضافة إلى عشرات القنوات التلفزيونية، بما في ذلك المحطات الخاصة بالأقاليم والمحافظات. وجاءت هذه المنابر الإعلامية الجديدة لتنافس وسائل الإعلام العامة: الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون من جهة، وجريدة ليسور من جهة ثانية. وكانت التغطية الإعلامية تعكس تنوعًا حقيقيًا في الأصوات إلى أن جاء قرار إيقاف الوسيلتين الإعلاميتين الفرنسيتين RFI و France 24 بشكل نهائي في أبريل/نيسان 2022. وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، توقفت إذاعة ميكادو إف إم عن البث نهائياً، وهي محطة أطلقتها الأمم المتحدة في يونيو/حزيران 2015 ويدير برامجها صحفيون محليون.

السياق السياسي

مبدئياً، يتمتع الصحفيون ووسائل الإعلام بحرية تغطية عمل الحكومة، كما أن وسائل الإعلام الخاصة مستقلة نسبيًا. لكن الصحفيين يعملون في بيئة هشة تماماً بسبب الوضع السياسي وتصلب موقف المجلس العسكري الحاكم. وفي هذا السياق، تتزايد الضغوط على الفاعلين الإعلاميين من أجل التعامل مع الأخبار "من منطلق قائم على الحس القومي". ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تلقى صحفي تهديدات خطيرة على خلفية مشاركته في تقرير عن وجود ميليشيا فاغنر الروسية في البلاد. أضف إلى ذلك أن طريقة منح الصحفيين الأجانب بطاقة الاعتماد تحمل في طياتها تدخلاً سافراً في عمل المراسلين بقدر ما تعرض سرية المصادر إلى الخطر. ففي مطلع 2022، تم طرد صحفي بعد أقل من 24 ساعة من وصوله. كما أن الهيئة التنظيمية لوسائل الإعلام ، شأنها شأن وسائل الإعلام العمومية، تبقى خاضعة تمامًا لسيطرة المسؤولين الحكوميين، الذين يملكون سلطة إقالة مديريها.

الإطار القانوني

يخضع العمل الإعلامي في مالي لقانون الصحافة، الذي يحدد شروط ممارسة المهنة، لكنه غامض ولا يُعرِّف المخالفات الصحفية بشكل دقيق، كما لا يشمل أحكاماً حول وسائل الإعلام الإلكترونية. وشهدت السنوات الأخيرة تضافر الجهود لمراجعة الإطار القانوني القديم الذي يحكم عمل الصحفيين، حيث مازال أهل القطاع ينتظرون بفارغ الصبر إصلاحات من شأنها أن تضع حداً لعقوبات الحبس المنصوص عليها في جُمح الصحافة، كما يتطلعون إلى تقنين المساعدات الحكومية لوسائل الإعلام وتحسين الوصول إلى المعلومات وإضفاء الطابع المؤسسي على عملية منح البطاقة المهنية للصحفيين ورخص العمل لوسائل الإعلام. هذا ولا يزال وصول وسائل الإعلام العمومية إلى المعلومات الرسمية أسهل بكثير من نظيراتها الخاصة.

السياق الاقتصادي

يعيش الصحفيون ووسائل الإعلام حالة مزرية يطغى عليها عدم الاستقرار بشكل مقلق، مما يجعلهم عرضة للتأثيرات الخارجية وإغراءات دوائر الفساد. وقد تفاقمت هذه الصعوبات عقب انخفاض عائدات الإعلانات بسبب الأزمة الصحية وتجميد المساعدات العامة للصحافة خلال السنوات الأربع الأخيرة.

السياق الاجتماعي والثقافي

تشكل النزاعات الطائفية والتطرف وظهور الجماعات المسلحة على الساحة عائقاً كبيراً أمام الممارسة الحرة لمهنة الصحافة، لا سيما في شمال ووسط البلاد. أضف إلى ذلك ما يطال أهل القطاع من اعتداءات قائمة على أساس الجنس أو العرق أو الانتماء الطبقي، علماً أن هذه القيود الاجتماعية والثقافية تؤدي بالضرورة إلى هاوية الرقابة الذاتية.

الأمن

في ظل مناخ انعدام الأمن وما يصاحبه من انتشار واسع لمجموعات مسلحة في مختلف أنحاء البلاد، أصبح عمل الصحفيين خارج العاصمة باماكو أمراً محفوفاً بالمخاطر، كما يتضح من اختطاف الصحفي أوليفييه دوبوا في غاو بتاريخ 8 أبريل/نيسان 2021 على يد جماعة مسلحة تابعة للقاعدة في منطقة الساحل وبقائه رهينة  طيلة عامين تقريباً، علماً أن اغتيال الصحفي عبد العزيز جبريلا واختطاف اثنَين من زملائه في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 يسلط الضوء على المخاطر التي يواجهها الفاعلون الإعلاميون في شمال البلاد. ويُعد اختفاء الصحفي بيراما توريه منذ 7 سنوات ووفاته المحتملة جرَّاء ما طاله من تعذيب في سجون المخابرات السرية بمثابة تذكير بأن أجهزة الدولة مستعدة لاستخدام أي أسلوب كان في سبيل إسكات الصحفيين. كما أن التأثير الروسي المتزايد وتسلل مرتزقة من شركة فاغنر شبه العسكرية إلى مالي ينذر بتفاقم ظاهرة التضليل الإعلامي، كما يُنبئ بأيام مظلمة للصحفيين، كما كان الحال بعد انتشار هؤلاء المقاتلين في جمهورية أفريقيا الوسطى عام 2018.